المكتبه و المجتمع

المكتبة والجتمع
من ‏قائد الاسطول‏ في ‏‏22 ديسمبر، 2012‏، الساعة ‏10:54 صباحاً‏‏

المحاضرة الاولى مواد الكتابة يرجع تاريخ الكتب والمكتبات الى الوراء فيما يقرب ثلاثة الاف سنة أو يزيد ، ويعد هذا التاريخ –بحق – مرآت تعكس تاريخ الكتابة فى الحضارة الانسانية . فواقع الامر أنه بدون كتابة لاتوجد كتب ، وبدون الكتب لاتوجد كتابة . ولذا لن نجافى الحقيقة ، إذ قلنا أن تاريخ الكتابة اقدم بكثير من تاريخ الكتب والمكتبات . والكتابة لها تاريخ موقل فى القدم ، يرجع الى العصور الاولى من تاريخ الانسان ، منذ بداية المجتمعات القديمة وشعور الانسان الى ضرورة تسجيل الظواهر الطبيعية المحيطة به والاحداث التى يمر بها ، وافعاله الحياتية التى يمارسها فكان التسجيل على جدران الكهوف التى يسكنوها، وعلى الصخور وجزوع الاشجار، وعظام الحيوانات التى أتخذ منها سطوحا لكتاباته ، وبالاحرى تصاويره ونقوشه المتواضعة . ورغم بساطةالتسجيلات وبدائية الوسائط حيث أنها لم تتعد مرحلة النقوش والرسومات الى تمثل الحياة فى ذلك الوقت .الا انها كانت وسيلة ناجحة يعبر بها الانسان عن نفسه بشكل مكتوب ، وتسجيدا حقيقيا فى رقبته فى مد قنوات الاتصال مع افراد مجتمعه – من جهه وشعوره الخفى المستند على طبيعته البشرية – من جهة اخرى فى أن يترك اثرا ما بطريقة ما يخلد بها وجوده المادى المتصف بالفناء ، ويستطيع عن طريقها ان يتصل بالاجيال الاحقة التى سوف تاتى من بعده ، حيث يترك لهم رسالة تمثل انماط الحياة فى بيئته وعصره ، وتحفظ لهم تاريخهم .بداية من تلك الممارسات الكتابية البدائية ، بدأ التاريخ للكتابة فى الحضارة الانسانية وبدات الكتابة مسيرتها التطورية لتمر بمراحل عدة لتصل الى ما هى عليه فى عصرنا المعاصر . والمتتبع لمسار المعرفة المسجلة يجد أنها مرت بالمراحل التالية : نقوش وتصاوير تطورت الى رموز ، ثم تحولت الى حروف بدائية ، نشات عنها أبجدية صوتية ، أدت فى النهاية الكتابة العصرية الحديثة . يعرف العلماء (اللغة ) بانها وسيلة الاتصال بين الجنس البشرى تاخذ شكل الاصوات المنتظمة ، وبالرغم من اننا لانعلم شيئا عن الاصول الحقيقية لنشأة اللغة ، الا ان العلماء لايختلفون فى كونها وسيلة اتصال أقدم بكثير من وسائل الاتصال المكتوب . بعبارة اخرى ، إن نشأة اللغة سبقت كثيرا نشأة الكتابة فى المجتمعات البشرية ، وهى – اى- اللغة خاصية فريدة يتميز بها بنى البشر ويقسم العلماء اللغة الى مجموعات متشابهة فى خصائصها ، ويطلقون عليها اسم الفصيلة ، حيث تجسد كل فصيلة اصلا لغويا مختلفا عن الفصائل الاخرى ، وتعد الفصائل السامية ، والهندية ، والاوربية من أكبر الفصائل واكثرها اهمية .





أما الكتابة فتعرف بانها التدوين المرئى للغة ، وتستند فى ذلك على المعيار المرئى ، وقد ابتدعها الانسان فى محاولة منه لوضع الرموزا لتى تعبر عن جميع الاصوات التى يصدرها عندما يتكلم لغة دون غيرها ، ولذا نجد ان لكل لغة ابجدية مكتوبة خاصة بها ، تجسد عن طريق التدوين المنظور ، المفاهيم المرتبطة بالاصوات التى يصدرها المتحدثون بهذه اللغة . ويقوم العلماء بتقسيم الكتابة الى ثلاثة اقسام رئيسية ، تمثل كل منها حقبة زمنية ومرحلة تطورية فى تاريخ الكتابة منذ نشاتها فى المجتمعات الانسانية . 1-الكتابة بالصور (او الكتابة التصويرية)يعنى هذا المصطلح الكتابة التى تعتمد على التصاوير ، وفيها يقوم الحرف بتمثيل شيى او مفهوم ، والتصاوير هنا قد تتعلق باشياء حقيقية متواجدة فى الطبيعة المحيطة بالانسان ، او اشياء متخيلة افرزتها الطبيعة المحيطة بالانسان ، او اشياء متخيلة أفرزتها العقلية البشرية لتعبر على شيى ما وتجسده ، وهذا النوع من الكتابات ، هو ما كان مستخدما فى المجتمعات الانسانية الاولى . وينتمى الى هذا الشكل الكتابى التصاوير، والنقوش المختلفة ، التى وجدت على جدران الكهوف والصخور وجزوع الاشجار ، وبعض المواد البدائية كالعظام ، التى استخدمها الانسان الاول كمواد كتابية .وبالرغم من بدائية وبساطة هذه الوسيلة كاسلوب كتابى للتعبير عن المفاهيم بالظواهر الاجتماعية المختلفة ، الا انها تعد الاساس الذى استند عليه تطور الكتابات فى العصور الاحقة . وعندما نمت المجتمعات البشرية وتطورت ، وقامت الحضارات بكل ما يحيط بها من ممارسات اجتماعية أكثر تعقيدا وتشابكا من تلك التى كانت تمارس من قبل ، أصبح ذلك الاسلوب الكتابى غير صالح للتعبير عن كل هذه المفاهيم والمعطيات الاجتماعية الجديدة ، وغير قادر على ان يكون لغة اتصال مكتوبة ناجحة ، وادى ذلك الى محاولة الانسان لاستنباط اسلوب اكثرا تطورا لمقابلة احتياجاته المعرفية الجديدة ، مما اوجد الظروف المناسبة لظهور المرحلة الثانية من تطور الاسلوب الكتابى . 2-الكتابة الرمزية يقوم الحرف او الرمز فيها بتمثيل كلمة كاملة وتجسيد مفاهيمها ، وهى درجة اكثر تطورا ورقيا لتعبير الانسان عن ذاته وبيئته ، فهى تعد نوعا من التجريد والرمزية فى التعبير عن المفاهيم المادية والمعدنية فى المجتمع . وقد بدا هذا النوع من الكتابة مع قيام الحضارات الانسانية الكبرى ، حيث زادت المعارف الانسانية وتنوعت ، واصبحت الحاجة ماسة الى وجود سجلات ووثائق مدونة للمساعدة فى ادارة شؤون الدولة السياسية والاقتصادية وتنظيمها ، بالاضافة الى كتابة النصوص والتعاليم العقائدية ، وصياغة المفاهيم الفكرية والفلسفية وما يصاحبها من مفاهيم عجزت الكتابة التصويرية عن تجسيدها والتعبير عنها . ومن اهم كتابات الحضارات القديمة التى تنتمى الى هذا الشكل الكتابى ، الكتابة الهيروغلوفية التى استخدمت فى الحضارة المصرية القديمة ، فى العصر الفرعونى ، والكتابة الصينو- تبتية التى استخدمت فى الحضارة الصبنية فى الشرق الاقصى اما الكتابة التى استخدمت فى الحضارة السومرية ، فيعدها العلماء الحلقة الوسيطة ما بين الكتابة الرمزية والمرحلة التى تليها التى استخدم فيها الكتابة الصوتية .3-الكتابة الصوتية يتم تعريفها لغويا بالرسم الصوتى ، ويعنى رسم الكلمات وفقا للفظها . ويتم باستخدام هذا الاسلوب كتابة الكلمات بحروف وفقا لطريقة لفظها ، وتعد الكتابة الصوتية ، المنشأ والمرتكز الذى قامت عليه الكتابة فى العصر الحديث . ويرجع الفضل فى وضع اسس اللغة الصوتية الى الحضارة الفينيقية ، التى قامت شعوبها بتطوير لغات الشعوب المعاصرة لها لتخرج لنا بابجدية تعد اساسا للكتابة الصوتية . الوسائط الكتابية :1-مادة الكتابة :ارتبطت الكتابة ارتباطا وثيقا بالمواد الكتابية التى استخدمت لتسجيلها ، ولهذا تعد الاشكال المادية للوسائط الكتابية ، بمثابة الوعاء الحافظ للفكر المكتوب ، ومن البديهى انه كلما ارتفعت صلاحية الوعاء وقدرته على حفظ المعلومات سليمة وواضحة ومقروءة لفترة زمنية اطول كلما زادت قيمته لمجال الكتابة والتسجيل والحفظ الا ان هناك عومل اخرى قد تتدخل لتقديم الوعاء كشكل مادى للتسجيلات المكتوبة اذ لو اخذنا بالمعيار السابق وحده ، وهو صلاحية الوعاء وقدرته على حفظ المعلومات سليمة وواضحة ومقروءة ، لوجدنا ان المعلومات ان الحجارة والرقم الطينية والمعادن واللاخشاب ، والعظام ، هى اصلح انواع الوسائط الكتابية لحفظ المعلومات ، حيث انها اكثر قدرة وتحملا لعوامل الزمن والظروف الطبيعية والمناخية التى تعمل على اتلاف وتدمير الوسائط الكتابية بمرور الوقت وكلما ارتبطت الكتابة بالوسائط بالوسائط الكتابية ، ارتبطت الكتابة ارتباطا قويا بالبيئة تنتج فيها المعلومة وتسجلها فنجد ان المادة الكتابية ارتبطت بالبيئة المحيطة والمجتمع المنتج للكتابة ففى المجتمعات البدائية الاولى كان الانسان يستخدم الوسائط البدائية غير المصنعة المتاحة له فكان يبحث حوله عن الوسائط المتوافرة التى ان تكون مادة للكتابة عليها فحينما توجد الكهوف يسجل على جدرانها ، ومتى ما وجدت الحجارة يستخدمها ، واذا احيط ببيئة نباتية يقوم بالكتابة على جذوع الاشجار ولحائها ، وان وجدت حيوانات يكتب على عظامها وان كانت بالقرب منه مصادر للمياه استخدم عظام الحيوانات البحرية كالسلاحف وغيرها.وعندما ارتقى الانسان بفكره وبمهارته اصبح اكثرقدرة على استنباط مواد جديدة نتيجة لزيادة مهاراته الحرفية واليدوية ، وبدا فى تصنيع مواد للكتابة تناسب مقدراته الجديدة ، ففى الحضارة المصرية القديمة ،قام المصريون باستخدام اوراق نبات البردى الذى كان ينمو بكثرة فى ضفاف النيل ، بينما اتجه السومريون والبابليون والاشوريون الى استخدام اقرب الوسائط اليهم وهى تربة ارضهم الطينية ليخرجوا للعالم بالرقم الطينية التى استخدموها كوسيط رئيسى لحضارتهم وكما ارتبط الوسيط الكتابى بالبيئة وتطور المجتمعات ، فانه ارتبط ايضا بالاتصالات والعلاقات التجارية ،ا رتبط ايضا بالاتصالات والعلاقات التجارية ،والاحتكاك الدولى والسلمى والعسكرى . وفى هذه الحالة نجد ان استخدام وسيط الكتابة لم يعد مرتبطا بالبيئة التى انتجته ، بل اصبح يتعداها الى مناطق جغرافية اخرى .وقد استخدم الانسان مواد كتابية كثيرة ، منها الذى استخدم بصورته الموجود بها فى الطبيعة كالحجارة والاخشاب وعظام الحيوانات ، ومنها ما عولج معالجات بدائية ، كالرقم الطينية ، ولحاء الاشجار ، ومنها ما تم تصنيعه بطريقة تقنية اكثر تعقيدا كالبردى ، والرق ، والانسجة الحريرية والكتابية ، والورق . اشكال مواد الكتابة:هناك اربعة انواع شاع استخدامها من مواد الكتابة وهى1-الرقم (الالواح) الطينية يرجع تاريخ الرقم الطينية الى عدة آلآف من السنين قبل الميلاد ، وان بدية استخدامه ارتبط بشعوب انتمت الىحضارات الشرق الاوسط ، كانوا يقطنون المناطق التى تعرف الان بالعراق وسوريا وتركيا . يعزى الى هؤلاء الشعوب الاستخدام الاول للكتابات او بالاحرى النقوش على الالواح الطينية .وكانت طريقتهم تتمثل فى ذلك تتلخص فى صناعة الواح من الطين النيى . ويبداون فى النقش عليه وهو لايزال طريا ، ويتركونه حتى يجف طبيعيا ، اويساعدونه بتجفيفه عن طريق الحريق .2-ورق البردىارتبط ورق البردى كوسيط مادى بالحضارة المصرية القديمة فى العصر الفرعونى ، والبردى فصيلة من النباتات المفصلية الذى يصل طوله الى فى بعض الاحيان الى عدة امتار ، وكان ينمو بكثرة على ضفاف النيل ، وكان المصريون يستخدمون ساق نبات البردى وهى مثلثة الشكل ، لصناعة الورق ، حيث يشقون لباب هذا النبات الى شرائح طويلة رقيقة ، وبعد ضغطها تصف الواحدة بجانب الاخرى ، وتوضع بطريقة متعامدة مع الاولى ، ويقومون بطرق هاتين الطبقتين المتعامدتين من الشرائح بمطرقة خشبية الى ان تلتصقا معا . وقدالالتصاق يعمدون الى استعمال صمغ خاص ليساعد على عملية. وهذة الشرائح متينة جدا ومازالت محتفظة بمتانتها الى يومنا هذا فى المتاحف البريطانية، رغم مرور عدة قرون على انتاجها .



3-جلود الحيواناتيعد الرق الذى يصنع من الطبقات الرقيقة لجلود الحيوانات واحدا من اهم الاكتشافات فى مجال الوسائط الكتابية بعد ورق البردى . وقد استخدم فى العديد من الحضارات فى العصر الكلاسيكى سواء من الحضارات الوسيطة كاليونانية والرومانية ، او الحضارات القديمة التى عاصرت العصر الكلاسيكى كالحضارة المصرية القديمة وكانت جلود الضان والماعز والعجول الاكثر شيوعا فى صناعة الرق ، وعرف عن الرق المتانة والجودة والقابلية للتشكيل بجانب امكانية استعمالة اكثر من مرة 4-الورقيقتصر اطلاق مصطلح (الورق) على الالياف النباتية المسحوقة او المعجونة ، المعالجة بالماء او المواد الكيميائية ، حيث يعمل على تشكيلها وتجفيفها بتقنية خاصة ، لتاخذ الشكل المسطح ، وينتج الورق بسمك مختلف حسب الطلب . وقد مرت صناعة الورق بتطورات كثيرة منذ اكتشافة عند الصينيين سواء من زاوية المواد الخام التى تدخل فى صنعه او من ناحية التقنيات المستخدمة فى صناعته.