الإطار الأخلاقي لأنشطة العاملين بالمكتبات ومؤسسات المعلومات
إعداد
نجلاء محمود محمد خليل
مدرس بقسم المكتبات و المعلومات
كلية الآداب – جامعة المنوفية
تمهيد :
أي منظمة – صغيرة أو كبيرة ، بسيطة أو مركبة – تقدم خدمات للعامة من خلال موظفيها تكون عرضة للمشاكل وهذه الدراسة تتعلق بالمشاكل ذات الطبيعة الأخلاقية في المكتبات ومؤسسات المعلومات ، فالأخلاق لا تعلب مجرد دور صغير في مجال المكتبات والاعتبارات الأخلاقية لها دور بارز في عالم خدمات المعلومات ولذلك فقد ازدادت التزامات القائمين بأنشطة وخدمات المعلومات سواء من حيث عدد الخدمات أو من حيث تعقيدها ، وهذه المسائل الأخلاقية التي قد تصادف العاملين في المكتبات ومؤسسات المعلومات قد تؤثر علي أدائهم لعملهم وممارسته في إطار أخلاقي سواء في الخدمات مثل خدمة الإعارة ، الخدمة المرجعية ، التصوير أو الأنشطة الإدارية أو العمليات الفنية مثل التزويد أو تنمية المقتنيات .
وبالفعل ستركز هذه الدراسة علي هذه الخدمات والأنشطة والعمليات الفنية السابق ذكرها دون غيرها وذلك لظهور البعد الأخلاقي فيها بوضوح ووجود العديد من المواقف والمسائل الأخلاقية التي قد يتعرض لها الأمناء والعاملين في المكتبات ومؤسسات المعلومات أثناء القيام بهذه المهام .
أولا: الإدارة : Administration
عند الحديث عن أخلاقيات الإدارة في المكتبات و مراكز المعلومات لابد وأن نتحدث في البداية عن العدل والعدالة والمساواة بين العاملين لأنها تعتبر من أهم مقومات الإدارة السليمة وأحد عوامل شعور العاملين بالراحة النفسية في مكان العمل وذلك لأن شعورهم بعدم التمييز سينعكس بالتالي علي أداء العمل , وهذا بالتأكيد يتأتي من خلال تطبيق " سياسة الثواب والعقاب " في المكتبات ومؤسسات المعلومات وذلك لتحفيز المجدين ومجازاة المقصرين مع ضمان تطبيق هذه السياسة بعدالة حقيقية ودون أي تمييز, فمن يعمل بجد يكون له مكافآت تشجيعية وحوافز سواء مادية أو معنوية ومن يخطئ يعاقب وذلك لضمان الدقة وعدم الإهمال في العمل أو المهام المكلفين بأدائها والتأكد من قيام كل موظف بواجباته المنوطة إليه .
وهذا الحديث عن سياسة الثواب والعقاب ومدي العدالة في تطبيقها في المكتبات ومؤسسات المعلومات يجرنا إلي الحديث عن الرقابة علي أداء العاملين فالرقابة تعتبر الجهاز العصبي لأي تنظيم فالرقابة تتعرض لكل خلية من خلايا التنظيم تتأثر بها وتؤثر عليها والمفهوم الحديث للرقابة علي الأداء هو أن يعمل النظام الرقابي علي مساعدة المديرين والعاملين في آن واحد علي تحسين الأداء ورفع كفايته بما يحقق أهداف المنظمة .
وتعتبر الرقابة علي أداء العاملين في المكتبات ومراكز المعلومات الوسيلة الأساسية للتأكد من قيام هذه المكتبات بتحقيق أهدافها ، فهي من ناحية تعتبر من أهم الوسائل التي تعمل علي تحديد المعوقات التي تعترض سبيل هذه المكتبات في القيام بدورها بدرجة من النجاح كافية ومناسبة وتعمل في نفس الوقت علي القضاء علي تلك المعوقات وتساهم بدور فعال في تنمية وتحسين أداء العمل بالمكتبات .
ولذلك يجب أن تحرص إدارة المكتبة علي متابعة عمل الموظف للتأكد من قيامه بواجباته بالإضافة إلي اكتشاف أوجه القصور ، والجوانب الإيجابية والجوانب السلبية للنشاط الإداري وذلك لإدخال التعديلات التي تحقق لها المزيد من النجاح في تحقيق أهدافها الأمر الذي يبرر الحاجة إلي قياس أداء الموظف و تقييم أدائه الوظيفي .
وتعد الرقابة علي أداء العاملين في المكتبات أمرا ضروريا وذلك لأن الإدارة الرشيدة هي تلك التي تعمل علي تحقيق الأهداف المرسومة لمكتبة ما في حدود الإمكانيات المتاحة وبالكفاءة المطلوبة في الوقت المحدد لها (1) وتري الباحثة أن الرقابة علي أداء العاملين تمثل ضرورة في المكتبات ومراكز المعلومات ولكنها لن تؤتي ثمارها إذا لم تتوافر الرقابة الذاتية النابعة من أمين المكتبة ذاته كما في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم " من عمل منكم عملا فليتقنه " وأن يتقي العاملون الله في جميع أعمالهم لقول رسول الله " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا "
* ومن الموضوعات ذات الطابع الأخلاقي والمرتبطة بالإدارة هي اتخاذ القرارات وتفسير هذه القرارات للعاملين ومدي مشاركة الأمناء والعاملين في عملية اتخاذ القرارات وإبداء الآراء والمقترحات المرتبطة بتحسين الأداء ومدي تقبل إدارة المكتبات لذلك .
أن القرارات الإدارية لها أبعاد أخلاقية وهذه القرارات قد تؤثر علي الإنسان ورفاهيته وإنجازاته بطريقة ما وأن القيادة والقيم الأخلاقية جزء لا يتجزأ من اتخاذ القرارات (2)،أنه لا يتم الوصول لقرار معين وفقا للمعلومات المتاحة أو المعايير الموضوعية فحسب و إنما يتأثر متخذ القرارات بعوامل أو اعتبارات أخري غير موضوعية لا تتعلق بأساس القرار في حد ذاته بشكل مباشر ولكنها تعكس قيم وأفكار وطريقة فهم متخذ القرار لما يواجهه من أمور . وأن متخذ القرار نفسه يعتبر ناتج لظروف البيئة المحيطة به سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية تشكل قيمة وعاداته وتؤثر بالتالي علي مدخله في اتخاذ القرار وعملية الاختيار بين البدائل المتاحة.(3)
أما عن مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات فإنها تعتبر أحد الالتزامات الأخلاقية حيث وضعها محمد مجاهد الهلالي ضمن تصوره المبدئي لدستور المهنة في علاقة الأمين بالإدارة .
وفي هذا المجال يقترح Mark Alfino في مقالة Information ethics in the workplace " نموج العمل الإداري الجماعي النموذجي " وهو يقصد به حركة المشاركة في التفكير الإداري وعدم حصر جميع الصلاحيات في يد فرد واحد وما يترتب عليه من سيطرة هذا الفرد الذي يطلق عليه ويعرف بـ " المدير " الذي يمتلك اللقب والمسئولية ، وهكذا يمكننا أن نستبدل شخص " مستبد " بمجموعة مما يترتب عليه انتشار القوة الإدارية وهذا يؤدي إلي التعرف علي القدرات القوية لدي بعض الأشخاص وأيضا الضعف في القدرات لدي الآخرين من العاملين وهذه التطبيقات تنمي وتطور المسئولية لصنع القرار الإداري وهذا بالتالي يساعد في رفع كفاءة المنظمة وجعل مكان العمل أكثر مرونة (4)واقتراح Alfino هذا يؤكد علي ضرورة مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات و ذلك لأن أفضل القرارات هي التي تكون ناتجة عن " مشاركة حقيقية " بين المدير مع مرءوسيه في تشخيص المشكلة ووضع حدود لها بالاتفاق معهم ويطرح معهم الحلول وهذا النمط من الإدارة يكون فعال .
ولا يتوقف الأمر علي مجرد اتخاذ القرارات وإصدارها فقط بل لابد من تفسير هذه القرارات والتعليمات الصادرة عن الإدارة للعاملين بشكل واضح لا لبس فيه وذلك لتفادي أي فهم خاطئ من جانب العاملين وما يترتب علي ذلك من تطبيق خاطئ لهذه القرارات والتعليمات فالإدارة الواعية المتميزة تهتم بشرح القرارات وتفسيرها للعاملين ، مع ضرورة تشجيع العاملين علي إبداء مقترحاتهم لتطوير العمل وحثهم علي الابتكار وتشجيع روح المبادأة لديهم(5) ، وهذا بالتأكيد يكون لصالح مصلحة العمل وتحسين الأداء وتطويره .
وفي نهاية هذا العرض لأخلاقيات الإدارة في المكتبات ومؤسسات المعلومات لابد وأن نؤكد علي أن الروح المعنوية العالية عنصرا حيويا وضروريا لتعاون العاملين معا وتعاونهم مع إدارة المنظمة أو الجهاز الأم الذي تتبعه المكتبة وذلك بغية تحقيق الأهداف بكفاية وتعميم الشعور بالرضا والروح المعنوية تعتبر شرطا للجماعة المتكاملة فنجاح المكتبة في تحقيق رسالتها مرتبطة ارتباطا مباشرا بارتفاع الروح المعنوية لهيئة العاملين بها (6)
كما نؤكد أيضا علي ضرورة اهتمام إدارات المكتبات ومؤسسات المعلومات بتدريب العاملين حيث يزيد التدريب وتنمية مهارات العاملين من ثقتهم في أنفسهم و يكسبهم معارف جديدة تمكنهم من إتقان أعمالهم وتؤهلهم للترقية وتحفزهم علي الخلق والابتكار (7)
ثانيا : الاختيار وتنمية المقتنيات Selection and collection development
من المواقف الأخلاقية الواضحة التي تصادف القائمين بعملية الاختيار هي وجود ضغوط خارجية تمارس علي القائمين بالاختيار لشراء مواد معينة التي يكون البعض في حاجة إليها ويضيف أن الاختيار الحكيم و تنمية المجموعات يتطلب أن الفرد يتجنب الضغوط الخارجية مثل التي تظهر في المكتبات الجامعية حيث أن هذه الضغوط التي تمارس من خلال أعضاء هيئة التدريس والباحثين تلعب دور هام في تنمية المجموعات حيث تمثل اهتمامات فردية للباحثين وأعضاء هيئة التدريب مما يؤدي إلي تطوير غير مناسب للمقتنيات والنتيجة تكون مجموعة غير متوازنة وسيئة ولا تعبر عن الاحتياجات الحقيقية لجميع المستفيدين من المكتبة (
فإن الاختيار يتخلص في أن تقرر الاختيار من بين عدد كبير من المواد في بعض الأحيان تكون مفيدة جدا ، فبناء المجموعة الممتازة في المكتبات العامة والأكاديمية والمتخصصة يتطلب عمل متوازن ودقيق في فحص المراجعات وعروض الكتب وأدوات الاختيار المتاحة لدي القائمين بالاختيار ويكون لديهم الفرصة لبناء مجموعة قوية تتجنب الآراء الشخصية مما يجعلهم ينجحون في خلق مجموعات رائعة (9) ، وأمناء المكتبات لديهم مسئولية مهنية ليكونوا عادلين في الدفاع عن حق كل مستفيد في أن يقرأ ويسمع ويري المواد والمصادر ، أن اختيار المواد في جميع الموضوعات والاحتياجات والاهتمامات لجميع المستفيدين في المجتمع الذي توجد به المكتبة ضرورة أخلاقية وتأكيد للحرية الفكرية ، فالحرية الفكرية هي جوهر العدل في خدمات المكتبة (10)
بمعني آخر أن الموضوعية من المبادئ الأخلاقية التي تحكم المكتبات وما يتضمن التعريف بالأمور الجنسية أو الدينية بطريقة خالية من الإثارة والرعب (11)، وضرورة إتاحة كل شئ لجميع الأفراد وأنه ليس هناك شئ منتج لا قيمة له أو لا طعم له وأنه ليس هناك شخص يمكن أن يساء إليه إذا ما قرأ أي شئ ، و علي الرغم من إنه شئ ضروري للأمناء أن يقاموا ضغوط الرقابة إلا أن واجبهم المهني يدعوهم إلي الاختيار الجيد للمواد المكتبية وألا تكون مهمتهم فقط في شرائها والحصول عليها(12)
ويؤكد محمد فتحي عبد الهادي علي هذا الرأي الذي لا يفرط في الحرية واعتبار المكتبات مؤسسات إعلامية تثقيفية تعليمية والواجب يقتضي مراعاة ظروف المجتمع الذي توجد فيه المكتبة وأن يحرص أمناء المكتبات علي الاختيار الجيد لمصادر المعلومات التي تحقق احتياجات المستفيدين دون الإخلال بالسلوك العام ودون حجر علي حرية الرأي السديد والنافع(13)
والباحثة مع هذا الرأي الذي يتطلب عدم ترك الحرية المطلقة ومراعاة ظروف المجتمع وخاصة في الموضوعات الشائكة والجدلية والمعالجة بطرق غير سوية و ذات تأثير سئ علي القارئ.
ومن هنا تظهر مشكلة الحياد الفكري فالمكتبة تتكون من مصادر معلوماتية ولضمان الحياد يمكن أن تكون مجموعات متوازنة في المكتبة تدور حول القضايا الشائكة بحيث تعرض لقضية من كل جوانبها من خلال كتب مختلفة وبذلك يمكن أن تصبح المكتبة مكانا محايدا حيث أنه سيكون هناك توازن بين الموقف الذي يتبناه كتاب ما و المواقف التي تتبناها الكتب الأخري .
وبطبيعة الحال فإن المجموعات المتوازنة الحقيقية ليست أمرا ممكنا فإن القدرة علي تحديد الموقف السياسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي للكتاب أمر صعب فهناك العناوين المضللة التي لا تدل علي مضمون الكتب .
وعلي الرغم من أن التوازن مستحيلا إلا أن السعي نحو تحقيقه يعتبر إحدى القيم التي تطمح نحوها المكتبات . فعمليات الشراء تتم مع معرفة أنه لابد من عرض أكثر من جانب للقضية وأن اختيار كتب متميزة تغطي قطاعا عريضا من الموضوعات هو أفضل ما يمكن أن تقوم به المكتبة ليكون لديها مجموعة محايدة (14)
إن الحياد الفكري يتضح معناه في أن لا تتخذ المكتبة موقفا بالذات بين الآراء المتعارضة في موضوع جدلي أو شائك ، أي لا تتحيز المكتبة لجانب دون الآخر بل تمثل في مجموعاتها وجهات النظر المتعارضة بقدر الإمكان (15) ، و إذا المكتبة شكت في تأثير بعض كتبها علي القارئ وخاصة القارئ صغير السن أو محدود الثقافة فإنه يمكنها رغم اقتنائها لهذا الكتاب أن تمنع عرضه علي رفوف مفتوحة أو ذكره في قوائم قراءات منشورة ، وحين يطلبه القارئ يكون الجواب باستمرار هو أن هذا الكتاب مستعار وذلك لحمايته من الكتب التي تتوقع أن يكون لها تأثير سئ عليه ومثل هذه الرقابة جزء من المهمة التعليمية للمكتبة العامة (16)
ومن هنا تري الباحثة أن الحياد الفكري في مجموعات المكتبة أمر مطلوب وواجب في المواد التي تحمل آراء ووجهات نظر متعارضة في الموضوعات المختلفة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها ولكن المواد ذات التأثير السئ علي القراء والتي تحمل موضوعات شائكة وجدلية أو موضوعات دينية متطرفة يجب اتخاذ القرار من البداية بعدم شرائها وأن وجدت بالفعل داخل مجموعات المكتبة فإن من الصواب أن يتم حجبها عن القراء حتي لا يكون لها أي تأثير سلبي عليهم وخاصة صغار السن منهم .
وفي النهاية هذا العرض للمواقف الأخلاقية التي قد يتعرض إليها القائمين بعملية الاختيار في المكتبة ومؤسسات المعلومات يجب أن نذكر بعض الصفات و المهارات التي يجب أن يتحلي بها القائم بعملية الاختيار والمسئول عن التزويد ومنها أن يتحلي بثقافة واسعة وعلاقات طيبة مع كل المستفيدين من المكتبة والناشرين والمكتبات العامة ومراكز المعلومات مثل المؤسسات التي يصدر عنها الإصدارات المختلفة والمعلومات ويمتلك مهارة البحث في قواعد البيانات الببليوجرافية بشكل جيد حتي يستطيع اختيار أفضل مصادر المعلومات ويقترح الجديد في مجال دعم المكتبة .
الإعارة : Circulation
أما عن المشاكل الأخلاقية التي قد تواجه العاملين بخدمة الإعارة بالمكتبات ومؤسسات المعلومات نجد أن المشكلة الأخلاقية الأولي في الإعارة تكمن في حماية السرية و الخصوصية فكثير من المستفيدين عادة ما يطلبون ببساطة التعرف علي هوية هؤلاء الذين قاموا باستعارة أحد المواد ليس بغرض الاعتراض أو المحاكمة ولكن لمتابعة احتياجاتهم وما يقومون باسترجاعه.
ويري Robert Hauptman أن في أقل عهود الإدراك الأخلاقي قد يحدث موافقة علي الكشف عن مثل هذه المعلومات ولكن الآن عمليا لا يجب أن يحدث هذا ويضيف أن هناك العديد من المكتبات في الولايات المتحدة تشن حروبا طويلة ومقومات واشتباكات صعبة لاحترام هوية المستفيد .
كل الذي يبدو ظاهرا وضروريا أن سرية المستفيد يجب أن تحترم إلا إذا كان هناك أحد الأمناء قد اقتنع أن هذا الضغط قد يمثل ضرورة تحل محل الواجب المهني لحماية خصوصية الفرد(17).
وهنا يحاول Hauptman أن يؤكد علي أنه مهما كان الضغط لابد وأن يحاربه الأمناء بهدف حماية خصوصية المستفيدين حتي لا تنهك وتنكشف عاداتهم القرائية مما يؤثر علي هؤلاء المستفيدين ويؤدي إلي عدم إقبالهم علي استعارة بعض المواد .
ويضرب Hauptman مثلا بالصحفيين عندما يفضلوا أن يسجنوا علي أن يبوحوا بمصادرهم ويكشفوا عنها ويتساءل لماذا لا يكون أمناء المكتبات في نفس المرتبة من النضال والكفاح للحفاظ علي خصوصية وسرية المستفيدين وبالطبع هم لن يسجنوا ولكن كل المطلوب هو قول لا لمن يطلب الكشف و التعرف علي استعارات أحد المستفيدين (18)
وهناك مشكلة أخلاقية أخري تصادفنا في خدمة الإعارة وهي أن الشخص المسئول عن الإعارة يجب وأن يقدم الخدمات إلي جميع المستفيدين دون تمييزا وتحيز ، وهذا ليس أمر صعب في المكتبات العامة عندما يكون معظم المستفيدين لديهم هدف متساوي ولكن في المكتبة المتخصصة نجد أن العيب الظاهر هو أن طلب الرئيس للمادة يأخذ الصدارة أو يميز عن العامل أو الفني الصغير ، والوضع نفسه نجده في المكتبات الأكاديمية عندما احتياجات عضو هيئة التدريس الأستاذ ذو المكانة عادة ما نري أنها أكثر أهمية من مثيله المبتدئ أو الموظف بالكلية ، ومن العدل أن كل مستفيد يحتاج إلي أن يعامل بنفس الطريقة ودون اختلاف في أسلوب التعامل (19)
ولذا يجب وأن نؤكد علي أن الالتزام بقواعد المكتبة ولوائحها من أهم الأسس والالتزامات الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها أمناء المكتبات لأن التطبيق الجيد للقواعد لا يعطي فرصة لأي امتيازات بين المستفيدين .
ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أن نوعية المستفيدين التي تقدم لهم الخدمات قد تؤثر في تطبيق القواعد المعمول بها في المكتبات مما ينعكس علي الخيارات الأخلاقية والمواقف التي يتعرض لها أمناء المكتبات أثناء تأدية عملهم ويظهر ذلك جيدا في المكتبات الجامعية حيث يصعب تطبيق أي جزاءات أو غرامات علي أعضاء هيئة التدريس المتأخرين في رد الكتب المعارة لديهم وفي بعض الأحيان تلعب العلاقات الشخصية دور كبير في عدم توقيع أي جزاءات علي المتأخرين مما يعبر عن بعض التجاوزات الأخلاقية في تطبيق القواعد والتمييز بين المستفيدين في تقديم الخدمات .
خدمات التصوير
وعلي الرغم من أهمية هذه الخدمة وما تنطوي عليه من فائدة كبري للمستفيدين في توفير الوقت والجهد إلا أنها تتضمن العديد من المواقف الأخلاقية التي قد يحدث فيها بعض التجاوزات وأهمها التعارض بين إتاحة هذه الخدمة وحقوق المؤلف ، فهناك بعض المكتبات تتيح عملية التصوير بلا حدود أو قيود بما يتعارض مع حقوق المؤلف المادية والأدبية والاجتماعية وأن إتاحة تصوير أي عدد من النسخ للمقالة الواحدة أو الجزء من الكتاب يتعارض وقانون حق المؤلف فيجب مراعاة عدم إتاحة المفرطة ومراعاة التوازن بين حقوق المؤلفين والاستخدام المشروع للمستفيدين (20)
وهناك من المكتبات التي تعتمد علي الاستخدام الذاتي من جانب الفرد و من ثم فلا قيود علي النسخ أو التصوير (21)
ومن خلال المقابلة الشخصية والملاحظة للعديد من العاملين فى خدمات التصوير فى الأنواع المختلفة من المكتبات توصلت الباحثة إلي كثير من المعلومات و هى تتلخص فى : أن خدمات التصوير في معظم الأحوال تقدم من خلال عمال فنيين وليسوا من أمناء المكتبات المتخصصين أو حتي الأمناء غير المتخصصين وهؤلاء العاملون ليسوا علي دراية بأي من قوانين المكتبات أو تشريعاتها وليسوا علي وعي بأهمية ذلك فهم لا يدركون خطورة انتهاك حقوق المؤلفين أو التعدي علي لوائح المكتبة وغيرها .
وبالإضافة إلي ذلك فهم يعتبرون هذه المهمة ويتعاملون معها علي أنها مصدر للرزق والتربح خاص بهم وليس بالمكتبة ومن الممكن أن يتحايلوا علي أي قواعد بهدف هذا المكسب أو الرزق أو الدخل الخاص بهم .
أن هؤلاء العمال لا يقدمون خدماتهم فقط للمعارف بل هم يتطوعون وهذا بمعني الكلمة يتطوعون لخدمة أي متردد علي المكتبة طالما وجد ربح أو مكسب مادي .
وقد ثبت بالفعل عدم دراية ووعي القائمين علي هذه الخدمة بالقواعد والمعايير والإرشادات التي تحكم وتنظم هذه الخدمة ، وتحايل بعض الباحثين لتصوير المطبوع بالكامل في المكتبات التي تحدد عدد معين من الصفات يسمح بتصويره وذلك لعدم درايتهم بقانون حق المؤلف وعدم قيام بعض المكتبات بالتعريف بالقوانين والقواعد الخاصة بالتصوير ، كما أن هناك بعض المكتبات التي لا توجد بها ماكينات التصوير مما يؤدي إلي خروج المستفيد لتصوير الكتاب خارج المكتبة بلا قيود أو حدود.
كما ثبت عدم وجود اتفاق بين المكتبات حتي في النوع الواحد منها علي قواعد محددة لضبط عمليات التصوير من الكتب ، كما أن أعداد الصفحات المتاح تصويرها من الكتب غير محددا أو متفق عليها في المكتبات التي يوجد بها تعريف لحق المؤلف وكذلك عدد النسخ تركت بلا حدود .
وخلاصة القول أن هذه الخدمات تقدم بطريقة عشوائية ودون ضوابط في معظم المكتبات .
وفي دراسة فيدان عمر مسلم عن الاستخدام العادل بين الملكية الفكرية وحرية التداول وقامت بدراسة ميدانية عن خدمات التصوير في مكتبات جامعة القاهرة و قد طرحت بعض الحلول للمشاكل المتعلقة بالتصوير والتي يمكن تعميمها ومنها :
1- ضرورة وضع سياسات لخدمات التصوير تشتمل كل ما يتعلق بهذه الخدمة من تخطيط وتنفيذ ومتابعة ، هذا بالإضافة إلي تدريب القائمين علي هذا العمل وتوعيتهم بالقوانين والإرشادات الخاصة بهذه الخدمة .
2- توفير الإعداد المناسبة من أجهزة التصوير الحديثة والمتطورة مع الإهتمام الدائم .
3- تحديد مكافأة من عائد التصوير للقائمين علي العمل حتي تكون حافظا لهم للالتزام بالقواعد المنظمة لعمليات التصوير وكذلك الحفاظ علي المجموعات بالمكتبة وحمايتها(22)
وقد اقترحت فيدان عمر مسلم في دراستها عدد من التوصيات هي :
أ- توحيد الإرشادات والتعليمات واللوائح الخاصة بخدمات التصوير في المكتبات بما يتناسب مع أنواعها – علي أنها يراعي عند وضعها قوانين حق المؤلف وإرشادات الاستخدام العادل المعمول بها في العالم .
ب- رفع المستوي المعرفي لدي المكتبين ومسئولي خدمة التصوير بالمبادئ الأساسية لقانون حق المؤلف .
جـ- الإعلان عن لوائح التصوير في أماكن واضحة ليتعرف عليها المستفيد ويفصل وجودها في الأماكن المخصصة للتصوير أو بجانب أجهزة التصوير نفسها .
د- تحديد عدد الصفحات وعدد النسخ التي يمكن تصويرها من الكتب أو الدوريات أو أي مصادر أخري والاسترشاد دائما بما ورد في قوانين حق المؤلف وإرشادات الاستخدام العادل .
هـ- لابد من إضافة التشريعات والقوانين الخاصة بحقوق المؤلف وكذا الإرشادات التي صدرت بخصوص الاستخدام العادل ضمن المناهج الدراسية لطلبة أقسام المكتبات والمعلومات (23)
وبناء علي ما سبق لابد من التأكيد علي ضرورة إيجاد سياسة موحدة وقواعد محددة لعمليات التصوير وكذلك إجراءات محددة يمكن تطبيقها في جميع أنواع المكتبات لتقديم خدمات متوازنة ومتساوية لجميع المستفيدين دون تفرقة أو تمييز .
الخدمة المرجعية : Reference service
وتبدأ أخلاقيات الخدمة المرجعية من سلوك الأمين عند مكتب الخدمة المرجعية , فالسلوك الجيد للأمين والاستقبال الباسم لرواد هذه الخدمة مطلوب من الأمين ، فالرواد الذين يتركون المكتبة وهم مقتنعون بأنهم صدموا بمعاملة الأمناء الجافة وعزوفهم عن خدمتهم هؤلاء سيترددون كثيرا في الرجوع إلي المكتبة وسيعمل هؤلاء كدعاية ضد المكتبة وخدماتها .. وعلي العكس من ذلك فسمعة المكتبة تزدهر إذا شعر الرواد بأن احتياجاتهم للمعلومات حتي وأن كانت غير واضحة من البداية قد تم الاستجابة إليها بطريقة مرضية(24) , إن الآداب تشتمل الاحترام واللطف والبعد عن الأسلوب الفظ في التعامل مع المستفيدين فأمين المكتبة قد يكون مرهق أو منهك مما يجعله يظهر بشكل غير متعاون ويكون ذلك ذو تأثير سلبي في عرض المعلومات والإجابة علي الاستفسارات (25)
و نجد أن محمد مجاهد الهلالي قد وضع الكياسة واللطف في معاملة الرواد في أحد بنود تصوره المبدئي لأخلاقيات المهنة ، وأن الابتسامة المشرقة والترحيب يعد من أهم العوامل المساعدة علي خلق جو ملائم بالمكتبة ، كما يضيف أنه عندما يتولي أمين المكتبة الإجابة علي أسئلة واستفسارات الرواد فإنه ينبغي أن تكون إجابته مغلقة بالأدب وليس بالترفع أو التعطف(26)
ومن أجل ذلك فلابد أن يتدرب القائمون بالخدمة المرجعية علي الصبر مع تهيئة المناخ المناسب لتبادل المعلومات مع روادهم لتحديد أسئلتهم والاستجابة لاحتياجاتهم المعلوماتية بحماس واهتمام .. والأمناء حين يفعلون ذلك إنما يظهرون السلوك المهني والأخلاقي الجيد (27)
وبناء علي ما تقدم نجد أن هناك مجموعة من السلوكيات التي يجب أن يتحلي بها القائمون بالخدمة المرجعية يأتي في مقدمتها الصبر والتعاون وكذلك اللطف والبشاشة وأيضا القدرة علي التحمل والسماحة حيث قد تكون هناك بعض الأسئلة الغير لائقة سواء في مضمونها أو حتي في طريقة طرحها لذلك يجب أن يتعامل معها الأمناء بشئ من السماحة وسعة الصدر والاهتمام المخلص بالمستفيدين وأسئلتهم واستفساراتهم .
كما تقوم أساسيات أخلاقيات الخدمة المرجعية علي الخدمة المتساوية لجميع وراد المكتبة وأن جميع الاستفسارات التي توجه للأمين ذات أهمية واحدة ، أي أن القائم بالخدمة يجب أن ينظر إلي هذه الأسئلة بعيدا عن المؤثرات البيئية والشخصية والإدارية وأن كانت الممارسات الفعلية تخضع لبعض الأحكام الذاتية الخاصة بتفضيل بعض الأسئلة التي تأتي من الإدارة العليا للمؤسسة أو من كبار المسئولين من الشخصيات العامة في المجتمع ، وقد يبرر الأمين أولوية خدمة هؤلاء نظرا لأن المعلومات التي تقدم إليهم لا تخدمهم بصفاتهم الشخصية ولكنها تخدم اتخاذ قرارات تتصل بالآلاف بل ربما الملايين (28)
ومن المواقف الأخلاقية الأخرى التي يواجهها القائمون بالخدمة المرجعية أثناء تأدية عملهم مسألة المعتقدات الشخصية والخدمة العامة ، فالقائم بالخدمة المرجعية يجب أن يختفي كشخص له تحيزاته الخاصة وأن كانت شخصية ستظهر بالتأكيد علي عمله وأدائه (29)
ويري Foskett أن أمين المكتبة ما هو إلا صفحة بيضاء خالية من كل أنواع التحيز والمعتقدات والآراء الشخصية بحيث يستطيع أن يقدم أفضل خدمة للمستفيدين كما يؤكد علي أن المشاعر الشخصية ينبغي أن تطرح جانبا عند التعامل المباشر مع المستفيدين بحيث أن حماسة أمين المكتبة وتفاعله مع المستفيد لا يجب أن يؤثر علي موضوعية في الرد علي الاستفسارات (30)، فإذا كانت المعتقدات والآراء الشخصية للمسئول عن الخدمة المرجعية سوف تنعكس علي نتيجة كل استفسار يقوم بالإجابة عليه فإن هذا يمثل فوضي مهنة (31) ومن هنا نلاحظ اتفاق الآراء حول أن المعتقدات والآراء والمشاعر الشخصية لأمين المكتبة يجب أن تختفي تماما أثناء تأدية العمل بصفة عامة وتقديم الخدمة المرجعية بصفة خاصة وذلك للمحافظة علي الموضوعية لأن واجب أمين المكتبة هو الحياد .
ومن القضايا الهامة في أخلاقيات الخدمة المرجعية مدي أحقية أمين المكتبة أو مسئول الخدمة المرجعية في حجب المعلومات عن المستفيد ، ففي الحقيقية أن توفير المعلومات والإمداد بها ضرورة أخلاقية وهي في بداية الالتزامات الأخلاقية في مجال المكتبات والمعلومات وعرقلة الوصول إلي المعلومات عمليا لا يغتفر (32)
توجد دراستين هامتين قامتا حول هذا الموضوع وهما :
Robert Dowd ودراسة Robert Hauptman دراسة
ففي الدراسة الأولي وكانت بالتحديد عام 1975 تظاهر Hauptman بحاجته لمعلومات عن كيفية صنع قنبلة ضخمة تكفي لتفجير منزل وحاول أن يظهر بشكل مشكوك منه وقد شملت دراسته وطبقها في 6 مكتبات عامة و 7 مكتبات أكاديمية وطلب من أخصائيين المراجع في هذه المكتبات معلومات دقيقة عن التحضير الكيميائي لهذا المتفجر كما سأل عن مدي قوة صوت الانفجار الناتج عنها ، وكانت مفاجأة له لأنه تلقي إجابة كاملة لهذه الأسئلة من جميع أخصائي المكتبات موضع الدراسة ولم يتمهل أو يتردد أحد منهم في الإجابة علي أساس أخلاقي . ولقد تساءل Hauptman هل يجب علي أخصائي المراجع أن يحجب المعلومات لاعتبارات أخلاقية .؟ إذا كانت الوصول إلي المعلومات يأتي علي حساب المصلحة العامة , وإذا كان هناك توريطات قانونية قد تترتب علي الإمداد بمثل هذه المعلومات .
وفي رأيه أن الحرية يجب أن تقيد عندما تكون الممارسة تعيق حرية فرد آخر و إذا كانت النتيجة مؤذية . وقد أوصي Hauptman بأن المرجعي يجب ألا يكون متعاون أكثر مما ينبغي فعندما يدرك أن الإمداد بالمعلومات ستكون نتيجته الضرر فعليه أن يكبح المعلومات وفي مثل هذه الحالة المبادئ الأخلاقية وقوانين حماية الحياة تأخذ الأولوية علي التعهد بالإمداد بالمعلومات وتوزيعها(33)
أما عن دراسة Robert Dowd فهي تعكس موقف مغاير لموقف Hauptman وإن كانت تتبع نفس خطوات Hauptman ونفس عدد العينة من المكتبات و لكنها تمت في أواخر الثمانينات وبالتحديد عام 1989 وقد اختار Dowd موضوع كيفية التخلص من الكوكايين حيث كان هذا الموضوع هام جد ومنتشر في هذه الفترة كما كانت المتفجرات والقنابل والعمليات التخريبية هي الموضوع الرئيسي في السبعينات فترة دراسة Hauptman ، وبالطبع الكوكايين موضوع غير قانوني وخطر ومعادي للمجتمع وحاول Dowd تقمص سلوك فرد منحرف وحاول أن يظهر بمظهر التائه الذي بحاجة إلي مساعدة وفي نفس الوقت متردد في الوصول إلي مكتب الخدمة المرجعية . وقد وجد أن جميع الأمناء في المكتبات التي تمت بها الدراسة لم يقدموا أي معلومات وبعض منهم أعطوا مجرد توجيهات وأخصائي مراجع واحد فقط تظاهر بمحاولة الوصول إلي بعض المعلومات وفحص بطاقة فهرس تتعلق بهذا الموضوع ، واثبت Dowd في دراسته أن و لا واحد من هؤلاء الأمناء أو أخصائيين المراجع قد اتبع البرتوكول المعتاد للخدمة المرجعية ، فالخدمة المرجعية تشمل المقابلة المرجعية والإرشاد الببليوجرافي وتعليمات عن كيفية استخدام المكتبة ومصادرها وذلك حتي يستطيع المستفيد الوصول إلي ما يحتاج إليه من معلومات، وأكد Dowd علي أنهم قد أمدوا بالحد الأدنى من الخدمة في إيجاد المعلومات . وكان يعلم أنهم حجبوا المعلومات بسبب مظهره و طريقته ومن هنا استنتج Dowd أن الخدمة المرجعية يجب ألا تميز أو تقدم علي أساس طبيعة السؤال أو شخصية طالب المعلومات ومظهره . كما طالب بعدم تقييد الوصول للمعلومات وأن حرية كل مستفيد يجب أن تتاح من خلال الوصول إلي المعلومات ويضيف أن أي تحديد يوضع علي الوصول لمثل هذه المعلومات يعتبر انتهاء لاستقلال المستفيد(34)
وقد أطلقت Mary Jane Rootes علي هذا التقييد والكبح للمعلومات إذا حدث مصطلح الحرية السلبية وبررت ذلك بأن كل مستفيد لديه الحق في أن يطلب مصلحته الخاصة بطريقته الخاصة ولكن أمين المكتبة لديه مسئولية مهنية وواجب أخلاقي ليعطل مثل هذا الوصول عندما تكون الإجابة علي السؤال تهدد مصالح أو رفاهية الآخرين (35)
وفي النهاية تضيف أن دعم الوصول للمعلومات والإمداد بها لا يشير إلي موافقة الأمين علي كيفية استخدام المعلومات في حالة استخدام المستفيد لهذه المعلومات استخدام خاطئ(36)
ويتفق أحمد بدر مع هذا الرأي ويري أن أمين المكتبة قد يرفض الرد علي بعض الأسئلة لاعتبارات أخلاقية والتي لابد فيها أن يتدخل حكم الأمين حتي لا يقع في مشكلة الاشتراك في الجريمة كالذي يطلب معلومات عن كيفية فتح الأقفال والخزائن أو كيفية تحضير المتفجرات أو زراعة الحشيش أو أفضل الطرق للانتحار بلا ألم وتخضع هذه الأمور للتجريم القانوني في معظم البلاد(37)
وبناء علي ما سبق نجد أنه يجب مناقشة المستفيد حول دوافعه وأهدافه من هذه المعلومات وحاجته إليها ويعد ذلك أمر واجب ومن خلال هذه المناقشة يستطيع الأمين أن يحكم علي الغرض من طلب المعلومات والتحقق من نية الطالب وهل يستخدمها في أفعال يجرمها القانون أم لأغراض علمية وبحثية ويجب أن تتم هذه المناقشة بشيء من اللياقة واللطف حتي لا يستاء المستفيد ويشعر أن هناك شك في نواياه .
من الموضوعات الهامة في قسم المراجع ويمكن اعتبارها من الأمور الأخلاقية موضوع الكفاءة والدقة في الخدمة وفي استخدام المراجع والمصادر .
فكفاءة أخصائي المراجع يجب أن تكون عالية حتي يستطيع معاونة ومساعدة المستفيد في الحصول علي المعلومات التي يريدها في أقل وقت ممكن وبأقل مجهود ودقة متناهية .
ويجب العمل علي تحسين الدقة لخدمة المراجع في جميع أنواع المكتبات بشكل عملي ويذكر Thomas J.Froechlich أن الكثير من الدراسات قد أثبتت أن هناك تصور واضح في الموظفين الأكفاء في الإمداد بإجابات مقنعة ومرضية والإمداد بمعلومات غير دقيقة. ويضيف أن البعض يعتقد أن طالما الوصول مجاني لهذه المعلومات فإن التجهيز للمعلومات يمكن أن يكون غير صحيح أو غير متعلق بالموضوع .
ويرجع Froechlich ذلك القصور إلي تعليم المكتبات وعدم وجود التدريب الكافي علي استخدام المراجع وكذلك القصور في الميزانيات لصيانة الكفاءة وتنميتها من خلال التعليم المستمر بالإضافة إلي غياب العقوبة لمثل هذا القصور .
وقد ازدادت المشكلة تعقيدا مع وجود المراجع الإلكترونية " فالمستفيدين قد لا يستطيعوا التعامل مع المراجع في شكلها الحديث أو استخدامها في شكل CD- Rom إذا كانت متاحة في هذا الشكل ، بالإضافة إلي نمو وتعقيد قواعد البيانات ، لذا يحتاج الأمر إلي تدريب المستفيدين علي استخدام مثل هذه المصادر والتكنولوجيات الحديثة . ولذلك يمثل أمين المكتبة المرجعي دور كبير في إمداد المستفيدين بمثل هذه المعلومات من مصادرها الإلكترونية وهو ما يحتاج من المرجعي إلي كفاءة وتدريب وتأهيل وخبرة( 38)
هذا من ناحية ومن ناحية أخري تواجهنا مشكلة تقدير قيمة البحث وتكلفته التي في كثير من الأحيان تعوق وصول المستفيد إلي المعلومات التي يحتاجها .
أما عن الخصوصية في البيئة الإلكترونية وما يثار في المراجع التقليدية يثار في البيئة الإلكترونية فيجب احترام خصوصية المستفيد وعدم الكشف عن الموضوعات يتم بحثها لأحد المستفيدين من خلال البحث علي الخط المباشر أو أسئلة الخدمة المرجعية (39)
وفي نهاية هذا العرض للمشاكل والمواقف والورطات الأخلاقية التي قد تصادف أمناء المكتبات والعاملين بمؤسسات المعلومات أثناء تأدية عملهم والقيام بالأنشطة المختلفة وتقديم الخدمات المتنوعة يجب التأكيد علي ضرورة تدريس الجوانب الأخلاقية والسلوكيات اللازمة لتقديم أفضل الخدمات في المقررات الدراسية في أقسام المكتبات والمعلومات وكذلك الاهتمام بالتدريب والتعليم المستمر للعاملين بالمكتبات ومؤسسات المعلومات لأنها جميعا تعد أمور ضرورية وهامة لتحسين الأوضاع في المكتبات والارتفاع بمستوي الخدمات والأنشطة وتقديمها في إطار أخلاق سليم .
بعض التوصيات :
- يجب تطبيق سياسة الثواب والعقاب من جانب إدارات المكتبات ومؤسسات المعلومات وذلك لتحفيز المجدين من العاملين بها ومجازاة المقصرين منهم مع ضرورة تطبيق هذه السياسية بعدالة حقيقية دون تمييز أو مجاملة .
- يجب أن تحرص إدارة المكتبة علي متابعة عمل الموظف للتأكد من قيامه بواجباته بالإضافة إلي اكتشاف أوجه القصور والجوانب الإيجابية والسلبية للنشاط الإداري وذلك يساعد في إدخال التعديلات التي تحقق للمكتبة المزيد من النجاح في تحقيق أهدافها .
- ضرورة مشاركة العاملين في المكتبات في اتخاذ القرارات وأن أفضل القرارات التي تكون ناتجة عن " مشاركة حقيقية " بين المدير ومرءوسيه ، ولا يتوقف الأمر علي مجرد اتخاذ القرارات وإصدارها بل يجب تفسير هذه القرارات والتعليمات الصادرة عن الإدارة للعاملين بشكل واضح لا ليس فيه وضرورة تشجيع العاملين علي إبداء مقترحاتهم لتطوير العمل وتحسين الأداء .
- يجب علي الأمناء والقائمين بمهمة الاختيار وتنمية المقتنيات تجنب الضغوط الخارجية التي توجههم لشراء مواد لا تفيد إلا عدد محدود من المستفيدين وذلك حتي ينجحوا في بناء مجموعات قوية ومتوازنة وتمثل جميع الاهتمامات والاحتياجات لجميع المستفيدين.
- ضرورة معاودة جهود الرقابة علي الإنتاج الفكري مرة أخري ولكن رقابة نزيهة واعية لا تسيطر علي الأفكار ، لأننا في زمن قد تراجعت فيه القيم الدينية والأخلاقية وأصبحت جميع المعلومات متاحة ويسهل الوصول إليها مما يهدد شبابنا وأطفالنا ويعم الفساد في المجتمع ، ولذلك فإن وجود الرقابة تحد من وجود هذه المصادر التي تحمل موضوعات شائكة وجدلية أو مثيرة أو جنسية أو مهاجمة للأديان وغيرها هذا من ناحية ومن ناحية أخري فإن عدم وجود الرقابة يلقي بعبء كبير علي كاهل أمناء المكتبات والقائمين بالاختيار في مؤسسات المعلومات لوجود غزارة في الإنتاج الفكري ومصادر المعلومات متنوعة ومنها الجيد والسئ ويقع علي عاتقهم اختيار ما يناسب المستفيدين وما يناسب المجتمع الذي توجد به المكتبة وكذلك مراعاة القيم الأخلاقية والدينية فيما يتم اختياره ، فهي مسئولية معقدة ولذلك مع وجود الرقابة ستكون مهمتهم أكثر سهولة .
- يجب توعية جميع العاملين بالأنواع المختلفة للمكتبات بأهمية الخصوصية والسرية وأن المستفيدين لديهم كلا من الحق في الخصوصية والحق في السرية وأنه يجب احترام خصوصية الأفراد في استخدام مصادر المكتبة وعدم انتهاك خصوصية هؤلاء الأفراد بإعطاء معلومات شخصية عنهم أو عن ما يقدمون باستخدامه من مصادر المكتبة ، والعناوين والموضوعات التي يطلبها المستفيدون خلال البحث علي الخط المباشر أو أسئلة الخدمة المرجعية .. الخ .
- ضرورة إيجاد سياسة موحدة وقواعد محددة لعمليات التصوير وكذلك إجراءات محددة يمكن تطبيقها في جميع أنواع المكتبات لتقديم خدمات متوازنة ومتساوية لجميع المستفيدين دون تفرقة أو تمييز .
- ضرورة توعية القائمين بالخدمة المرجعية بأهمية عدم إبداء آرائهم الشخصية ومعتقداتهم وأفكارهم أثناء الرد علي الاستفسارات وتأدية عملهم بالخدمة المرجعية لأن القائم بالخدمة المرجعية يجب أن يختفي كشخص له تحيزاته الخاصة وذلك للمحافظة علي الموضوعية والحياد .
- ضرورة توعية أمناء المكتبات وخاصة القائمون بالخدمة المرجعية بمناقشة المستفيد حول الموضوعات والمعلومات التي يرغب في الحصول عليها لأن من خلال هذه المناقشة يستطيع الأمين أن يحكم علي الهدف من هذه المعلومات ويقرر بناء عليها أن يقدم المعلومات إلي المستفيد أم لا ، ويجب أن نؤكد علي أن تتم هذه المناقشة بلطف ولباقة حتي لا يشعر المستفيد أن هناك شك في نواياه .
- يجب تنمية وعي أمناء المكتبات والعاملين بمؤسسات المعلومات بالقواعد السلوكية اللازمة لممارسة المهنة وأهميها تقديم خدمات للمستفيدين دون امتيازات وكذلك توافر مجموعة من الصفات التي يجب التحلي بها منها الصبر والتعاون والبشاشة واللطف وقوة التحمل و يجب إدراج هذه الصفات ضمن الدستور الأخلاقي العربي لمهنة المكتبات .
- يجب علي أمناء المكتبات والعاملين بمؤسسات المعلومات ضرورة الالتزام بالقواعد واللوائح التي تحكم العمل في الأنواع المختلفة للمكتبات والحرص علي عدم اختراقها لأي سبب من الأسباب لأن ذلك يضمن سير العمل في إطار أخلاقي متوازن لا يخضع لأهواء شخصية أو مجاملات .
- نشر الوعي بالأبعاد الأخلاقية في ممارسة العمل المهني مما يحد من تكرار التجاوزات التي يقع فيها العاملين في مجال المكتبات وذلك عن طريق عقد دورات متخصصة من أجل مناقشة كافة المشكلات الأخلاقية التي تصادف العاملين للوصول إلي أفضل المستويات في تقديم الخدمات والارتفاع بمستوي الأداء ، بالإضافة إلي إدراجها ضمن أعمال المؤتمرات وورش العمل والندوات والمحاضرات التي تقيمها الجمعيات المهنية وأقسام المكتبات والمعلومات علي مستوي جمهورية مصر العربية .
- يجب محاسبة من يخرج عن الالتزام بالخلق المهني ولذلك لابد من وضع ضوابط وأسس وإجراءات تقلل من حدة ظاهرة السلوك اللاأخلاقي وأيضا لابد من تواجد سلطة أو جهة يكون لهاحق تطبيق الجزاءات في حالة الخروج عن الالتزام المهني وعلي ذلك يجب التأكيد علي دور جمعية المكتبات المصرية ودعمها لأنها هيئة ذات صفة اعتبارية لديها الصلاحية في إقرار معايير الممارسات المثالية وتطبيقها علي أصحاب المهنة حتي تتكون نقابة المكتبين وتكون هي الجهة المنوطة بذلك .
المراجع
1 - ثناء إبراهيم موسى فرحات . الرقابة على أداء العاملين فى المكتبات الجامعية بالقاهرة الكبرى . الإسكندرية : دار الثقافة العلمية ، 2000 . ص ص 25-24.
2- Du Mont, Rosmary ruling. “ ethics in libarrianship : a management model. “ library trends. Vol. 40, no. 2 (fall 1991 ) .p20.
3- محمد محمد الهادى . " الإدارة العلمية للمكتبات ومراكز التوثيق والمعلومات . ط2 ، منقحة وفريدة . القاهرة : المكتبة الأكاديمية 1990 .ص 87.
4-Alfino ,Mark.“ information ethics in the work place :Traditional Vs. information management theory “ Journal of information ethics,(Spring 1998) .p7
5- محمد مجاهد الهلالى . " الأخلاقيات المهنية للعاملين فى مؤسسات المعلومات " مجلة المكتبات والمعلومات العربية . س 15 ، ع 2 ( إبريل 1995 ) .ص 104
6 - محمد محمد الهادى . " الإدارة العلمية للمكتبات ومراكز التوثيق والمعلومات . مرجع سابق.ص 231
7 - نفس المصدر السابق. ص 233
8- Hauptman, Robert. Ethcial challenges in librariansh Canada : the oryx press, 1988.p25
9-Ibid. p. 25
10- American library association. “ Access to electronic information, services, and network: an interpretation of library bill of righto. Chicago : AlA. Office of the intllectual freedom, 1996.
11- أحمد أنور بدر . " الأخلاقيات المهنية فى المكتبات وأجهزة المعلومات المعاصر".الاتجاهات الحديثة فى المكتبات والمعلومات . ج 5 ، ع 1 ( يوليو 1998 ) . ص26
12 - نفس المصدر السابق . ص 36
13 - محمد فتحى عبد الهادى . " أخلاقيات المعلومات فى المكتبات ومراكز المعلومات". الاتجاهات الحديثة فى المكتبات والمعلومات . مج 7 ، ع 14 ( يوليو 2000 ) .ص36
14- هاني محي الدين عطية " نحو دستور أخلاقي لأخصائي المكتبات " . مجلة المعلومات و المكتبات والنشر. مج1 ، ع2 ( يناير 2002) صـ 75
15- أحمد أنور عمر . المعنى الاجتماعي للمكتبة : دراسة لأسس الخدمة المكتبية العامة والمدرسية . الرياض : دار المريخ ، 1983 .ص73
16- نفس المصدر السابق . ص75
17- Hauptman, Robert. Ethical challenges in librarianship .Op.cit. p.33
18-Ibid.
19-Ibid.
20 - فيدان عمر مسلم . " الاستخدام العادل بين الملكية الفكرية وحرية تداول المعلومات: دراسة ميدانية عن خدمات التصوير فى مكتبات القاهرة " . أعمال المؤتمر القومى الرابع لأخصائى المكتبات والمعلومات المنعقد فى الفترة من 28 – 30 يوليو 2000 . شبين الكوم . الجمعية المصرية للمكتبات ، 2000 . ص554
21-محمد فتحى عبد الهادى . " أخلاقيات المعلومات فى المكتبات ومراكز المعلومات".مصدر سابق. ص36
22 - فيدان عمر مسلم . مصدر سابق . ص556
23 - نفس المصدر السابق . ص561
24 - أحمد أنور بدر . " الأخلاقيات المهنية فى المكتبات وأجهزة المعلومات المعاصر".مصدر سابق . ص24
25-Hauptman, Robert. Ethical challenges in librarianship .Op.cit.p. 47
26- محمد مجاهد الهلالى . " الأخلاقيات المهنية للعاملين فى مؤسسات المعلومات " مصدر سابق .ص 107
27 -أحمد أنور بدر . " الأخلاقيات المهنية فى المكتبات وأجهزة المعلومات المعاصر".مصدر سابق . ص25
28-محمد فتحى عبد الهادى . " أخلاقيات المعلومات فى المكتبات ومراكز المعلومات".مصدر سابق. ص37
29-Golden, Fay Ann. “the ethics of reference for the public librarian”. Reference librarian. Vol. (1990).p.160
30-Foskett, D. J. “ the creed of librarian, no politics, no religion and morals. London : Library association, 1970.p.149
31-Hauptman, Robert. Ethical challenges in librarianship .Op.cit.p. 42
32-Ibid.p.41
33-------------- . “ Professional or culpability? An experiment in ethics”. Wilson library bulletin, 50 ( April 1976 ).pp 626-627
34-Dowd, Robert. “I want to find out how to free base cocaine or het: another unobtrusive test of reference performance. “ Reference librarian. Vol. 25- 26, 1989.pp. 488-490
35-Roates, Mary Jan. “A prolegomenon to information ethinco. MA. Dissertation. Georgia state university. Colleged arts and science, 2001. p.27
36-Ibid. p.29
37 - أحمد أنور بدر . " الأخلاقيات المهنية فى المكتبات وأجهزة المعلومات المعاصر".مصدر سابق . ص25
38-Froechlich, Thomas J . Survey and analysis of major ethical and legal issues facing library and information services. Muchen : Suar, 1997 (ifla publication; 78).p.61
39- Ibid. P. 63